ثم إنه بعد ما بينا عدم شمول الأدلة المذكورة في الباب للقاعدتين، يتعين الاستصحاب، لورود بعضها في الشك في البقاء، وظهور اتحاد مفاد الباقي معه.
بقى الكلام في وجود مدرك آخر لقاعدة الشك الساري وعدمه. وما يمكن أن يكون مدركا لها في الجملة هي الأخبار الدالة على عدم الاعتناء بالشك بعد التجاوز عن الشئ، فلا بد من ذكر الأخبار الواردة في المقام، ثم التكلم فيها.
قاعدة التجاوز والفراغ فأقول - مستعينا بالله العزيز العلام، ومتوسلا بأوليائه الكرم: - أنه روى محمد بن الحسن باسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
(رجل شك في الاذان، وقد دخل في الإقامة؟ قال عليه السلام يمضى، قلت:
رجل شك في الأذان والإقامة، وقد كبر؟ قال عليه السلام: يمضى، قلت: رجل شك في التكبير، وقد قرأ؟ قال عليه السلام: يمضى، قلت: شك في القراءة، وقد ركع؟ قال (ع) يمضى، قلت: شك في الركوع، وقد سجد؟ قال عليه السلام:
يمضى على صلاته، ثم قال يا زرارة إذا خرجت من شئ، ثم دخلت في غيره، فشككت، فليس بشئ).
وباسناده عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن مغيرة، عن إسماعيل بن جابر، قال قال أبو جعفر عليه السلام: (إن شك في الركوع بعد ما سجد، فليمض، وإن شك في السجود بعد ما قام، فليمض، كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره، فليمض عليه.. الخبر).
وعن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا شككت في شئ من الوضوء، وقد دخلت في غيره، فليس شكك بشئ، إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه.. الخبر).