هذا كله في الاستصحابات الجارية في الاحكام. واما الشبهات الموضوعية، فتقدم الاستصحابات الجارية فيها على أصالة البراءة أوضح، لأن الشك فيها في الحكم مسبب عن الشك في الموضوع، ويأتي تقدم الأصل الجاري في السبب على الأصل الجاري في المسبب مطلقا إنشاء الله تعالى.
المقالة السابعة (في تعارض الاستصحابين) ومحصل الكلام في المقام أن الشك في أحدهما إما أن يكون مسببا عن الشك في الآخر. وإما أن يكون الشك فيهما مسببا عن ثالث، وأما كون الشك في كل منهما مسببا عن الشك في الآخر، فغير معقول، فالاستصحابان المتعارضان على قسمين:
(الأول) - ما إذا كان الشك في أحدهما مسببا عن الشك في الآخر، وحكمه تقديم الاستصحاب الجاري في الشك في السبب، ورفع اليد عن الحالة السابقة للمستصحب الآخر، مثاله لو غسل ثوب نجس بماء كان طاهرا قبل، وشك في بقاء طهارته حين غسل الثوب به، فالثوب بعد الغسل بالماء يشك في طهارته ونجاسته، ولكن هذا الشك إنما نشأ من الشك في طهارة الماء حين غسل الثوب به، إذ لو علم طهارة الماء حين الغسل، لكانت طهارة الثوب قطعية. والوجه في تقدم الاستصحاب الجاري في الشك السببي أمر ان:
(أحدهما) ما أسلفناه سابقا في وجه تقدم الطرق المعتبرة على الأصول.
وحاصله أن الشك المأخوذ في موضعها بمعنى عدم الطريق، فإذا ورد طريق معتبر
____________________
(133) سيجيئ الاشكال في تقديم أحد الأدلة على الآخر، من جهة تقدم