لا يقال إن هذا العلم إنما يكون قبل مراجعة الأدلة. وأما بعدها فالمعلوم اشتغال الذمة بمقتضى مداليل الأدلة، والزائد مشكوك فيه.
وبعبارة أخرى بعد مراجعة الأدلة ينحل العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي والشك البدوي.
لأنا نقول ان كان المراد ان الأدلة توجب القطع بالأحكام الواقعية، فكل منصف يقطع بخلاف ذلك، وان كان المراد أنه مع كون الأدلة لا تفيد القطع، يجرى الأصل في الموارد الخالية عنها.
فالجواب بأنه لا وجه لذلك، فان المراد من أنه مقتضى دليل حجية الامارات وجوب الاخذ بمؤداها لا حصر التكاليف الواقعية بمواردها. وحينئذ لا منافاة بين وجوب الاخذ بمؤدى الامارات بمقتضى دليل اعتبارها، ووجوب الاخذ بمقتضى العلم الاجمالي الموجود فعلا بالاحتياط في الأطراف الخالية عن الامارة (69) هذا والجواب عنه بوجوه: -
____________________
(69) قد يقال: إن نظير المقام ما إذا قال اجتنب عن إناء زيد مع تردده بين إناءين، ثم قامت البينة على كون إناء خاص إناء زيد، فإنه لو اجتنب عن خصوص ما قامت البينة عليه يكفيه ولا شئ عليه. وصرح بذلك المحقق الخراساني (قدس سره) في الكفاية.
لكن الظاهر خلافه، لان في المثال نزل الاناء الخاص منزلة اناء زيد، وفي الحقيقة هذه البينة حجة على عدم كون غيره اناء زيد، فهي حجة على عدم وجوب الاجتناب عن غيره، بخلاف مقامنا، فان المفروض أن العلم بالواقعيات باق، والامارات لا تدل الا على وجوب ما أدت إلى وجوبه، أو حرمة ما أدت إلى حرمته، من غير تعرض لتطبيق المعلوم عليه، فيؤثر العلم اثره.
لكن الظاهر خلافه، لان في المثال نزل الاناء الخاص منزلة اناء زيد، وفي الحقيقة هذه البينة حجة على عدم كون غيره اناء زيد، فهي حجة على عدم وجوب الاجتناب عن غيره، بخلاف مقامنا، فان المفروض أن العلم بالواقعيات باق، والامارات لا تدل الا على وجوب ما أدت إلى وجوبه، أو حرمة ما أدت إلى حرمته، من غير تعرض لتطبيق المعلوم عليه، فيؤثر العلم اثره.