الحكم منها، حتى يرتفع نزاعهما، والأمر بترجيح أحد الحكمين إذا كانت فيه إحدى المرجحات المذكورة في الرواية، من جهة أن حكمهم في الصدر الأول كان مطابقا لمضمون الرواية والله العالم.
(وينبغي التنبيه على أمور) (أحدها) - أنه - بناءا على وجوب الترجيح - لو بنينا على التعدي عن المرجحات الخاصة إلى غيرها، فهل يعتبر الظن الشخصي، بمعنى أن الخبرين المتعارضين إذا كان مع أحدهما أمارة توجب الظن الفعلي بكونه مطابقا للمواقع، نأخذ به ونقدمه على الآخر، والا فحالهما سواء. وإن كان مع أحدهما ما يوجب أقر بيته إلى الواقع نوعا، أو أن المعتبر الظن النوعي وان لم يوجب الظن شخصا، أو أن المعتبر أبعدية أحدهما عن الخلاف بحيث لو فرض العلم بصدق أحدهما وكذب الآخر، كان أحدهما أبعد عن الكذب وأقرب إلى الصدق؟
لا ينبغي الاشكال في عدم اعتبار الظن الشخصي، لان المرجحات المنصوصة - في الاخبار كموافقة الكتاب ونظايرها - لا تستلزم الظن الشخصي، مع وجوب الاخذ بها، بناءا على وجوب الترجيح، فالملاك المأخوذ من الاخبار ليس الظن الشخصي، لعدم اعتبار ذلك في الأصل، فيبقى الأخيران.
واستظهر شيخنا المرتضى قدس سره - من تعليلهم (عليهم السلام) لتقديم الخبر المخالف للعامة، بان الحق والرشد في خلافهم، ومن تعليلهم (عليهم السلام) لاخذ الخبر الموافق للمشهور بأنه لا ريب فيه - ان الملاك في الترجيح هو كون أحدهما أبعد عن الباطل من الآخر، وان لم تكن معه امارة المطابقة.
وتقريب ذلك أن قولهم (عليهم السلام) ان المجمع عليه لا ريب فيه، - بعد العلم بان المراد ليس نفى الريب عنه حقيقة - يراد منه انه لا ريب فيه بالإضافة إلى الآخر، فيتحصل من هذا التعليل أن الملاك في الترجيح كون أحد الخبرين بالإضافة إلى الآخر أقرب إلى الواقع وأبعد عن الباطل. وإن لم يكن