إلا كحال الناقلين للأحكام من المجتهدين إلى مقلديهم فلو قال أحد حاكيا عن قول المجتهد: (اتقوا الله في شرب الخمر فإنه يوجب العقاب مثلا) يصدق أنه منذر، مع أن نظره ليس بحجة. وكذلك حال الرواة بالنسبة إلى من تنقل إليهم الاخبار، من دون تفاوت أصلا.
نعم يبقى الكلام في نقل الاخبار التي ليست مشتملة على الانذار، كالاخبار الدالة على الإباحة والاستحباب والكراهة، لكن الامر فيها سهل، بعد الاجماع على عدم الفرق بين افراد الاخبار.
ومما ذكرنا في هذه الآية من عدم دلالتها على وجوب اخذ قول المنذر تعبدا، تعرف بطلان الاستدلال بآية الكتمان، لان حرمة الكتمان ووجوب اظهار الحق لا تلازم وجوب قبول السامع عند الشك تعبدا، كما لا يخفى.
ومن الآيات التي استدل بها للمقام آية سؤال أهل الذكر، قال جل وعلا: (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) تقريب الاستدلال ما مر سابقا من الملازمة، لان ايجاب السؤال مع عدم وجوب القبول لغو.
وفيه - مضافا إلى ما مر من الجواب - انها لو دلت على حجية الخبر، لدلت على حجية الاخبار التي وردت في أن المراد باهل الذكر هم الأئمة عليهم السلام. وعلى هذا لا دخل لها بحجية خبر الواحد، فصحة الاستدلال بها توجب عدم صحة الاستدلال بها.
هذا ومن جملة الآيات التي استدلوا بها آية الاذن، قال الله تعالى (ويقولون هو اذن، قل هو اذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين) فإنه تعالى قرن تصديق نبيه صلى الله عليه وآله للمؤمنين بتصديقه جل وعلا، ومدحه بذلك.