وأما على مبنى القائل بالاحتياط، فيشكل التمسك بهما على المطلوب، من جهة أنه - على المبنى المذكور - العلم بالوجوب الأعم من النفسي والغيري ليس له اثر عقلا. وإنما المؤثر هو العلم بالتكليف النفسي إما اجمالا أو تفصيلا، فعلى هذا كما أن تعلق التكليف بالأكثر مشكوك فيه، فيشمله الحديث، كذلك تعلقه بالأقل أيضا، فيتعارضان (93). اللهم إلا أن يقال بعد تعارضهما يبقى الأصل - الجاري في الوجوب الغيري للجزء المشكوك فيه - سليما عن المعارض، لأن الشك فيه إنما يكون مسببا عن الشك في تعلق التكليف بالأكثر، وليس في مرتبة المتعارضين حتى يسقط بالتعارض.
ولكن يمكن المناقشة فيه أيضا بأن مجرد نفى الوجوب الغيري عن الجزء المشكوك فيه لا يثبت كون الواجب هو الأقل، إلا بالأصل المثبت
____________________
(93) لا يخفى عدم جريان الأصل في الأقل، وإن لم نقل بأن الامر به منجز ومصحح للعقوبة، على تقدير وجوبه، وذلك لأن تركه ترك للمعلوم رأسا، فلا يجري فيه الأصل الشرعي من هذه الجهة.