دون دخل لخصوصية، فإنه يسرى إلى جميع أنواعه، وكل نوع منه يتعلق به حكم مستقل غير الحكم الذي تعلق بنوع آخر، وان كان أصل الحكم من حيث تعلقه بالحيوان واحد هذا.
الفرق بين قاعدة اليقين والاستصحاب الحاد يعشر أن المعتبر في الاستصحاب أن يكون المكلف شاكا في البقاء، بعد الفراغ عن أصل وجود المستصحب حين الشك في بقائه، فلو شك في أصل وجوده - وهو الذي يعبرون عنه بالشك الساري - لا يكون موردا للاستصحاب. نعم لو ورد دليل على عدم الاعتناء بالشك في أصل الحدوث، أخذنا به، ويصير هذا قاعدة أخرى. وقد تخيل إمكان شمول الأدلة المذكورة في باب الاستصحاب للقاعدتين.
وتقريب ذلك على نحو أتم: هو أن يقال: إنه في قولهم (عليهم السلام):
(من كان على يقين فشك) جعل الزمان السابق ظرفا لليقين والزمان اللاحق ظرفا للشك. وأما المتيقن والمشكوك لو حظا مجردين عن اعتبار الزمان، لا على نحو القيدية ولا على نحو الظرفية، فالمراد باليقين بالشئ حينئذ هو اليقين بذات الشئ مهملة عن اعتبار الزمان، والمراد بالشك أيضا كذلك. ولا شك في أن الشك في ذات الشئ يصدق على الشك في أصل وجوده، وعلى الشك في بقائه، لان بقاء الشئ ليس أمرا آخر وراء ذلك الشئ، فإذا اشتمل على كلا الشكين، فوجوب المضي على اليقين يوجب الغاء كليهما. والغاء كل شك بحسبه، فالغاء الشك في أصل الوجود وهو الحكم بأصل الوجود الغاء، والشك في البقاء هو الحكم بالبقاء. هذا غاية تقريب كلام المتخيل.
أقول: والذي يخطر بالبال في دفع هذا المقال هو أن: يقال: إن المتيقن بعدالة زيد في يوم الجمعة مثلا، يصح أن يقال في حقه أنه متيقن بالعدالة مقيدة بكونها يوم الجمعة، وأن يقال: إنه متيقن بالعدالة بملاحظة اعتبار ذلك الزمان ظرفا لها، وان يقال: إنه متيقن بعدالة زيد مع اهمال الزمان قيدا وظرفا، فان