وفيه (أولا) أنه يمكن تقرير نظير هذا الدور في طرف حجية خبر الثقة، بان يقال إن حجية خبر الثقة تتوقف على عدم رادعية تلك الأدلة، إذ على تقدير رادعيتها لا يكون خبر الثقة حجة، كما هو المفروض، وعدم رادعيتها يتوقف على حجية خبر الثقة، إذ على تقدير عدم حجيته يكون عموم الأدلة متبعا في موارد وجود خبر الثقة، فلا يمكن أن يكون خبر الثقة حجة إلا على وجه دائر.
و (ثانيا) - أن ما افاده من توقف رادعية الأدلة على عدم حجية خبر الثقة فمسلم، لما عرفت من أنه على تقدير حجيته لا يبقى مجال للعمل بالعمومات. وأما توقف عدم حجيته على رادعية تلك الأدلة فممنوع، إذ يكفي في عدم الحجية عدم العلم بامضاء الشارع (44)، وهو حاصل قبل الفراغ عن عدم كون تلك الأدلة رادعة، فتدبر جيدا:
واما العقل فهو من وجوه: بعضها مختص بحجية الخبر، وبعضها يثبت حجية مطلق الظن (اما الأول) فمن وجوه:
____________________
(44) لا يقال: هذا مناف لما اختار المصنف من لزوم تصريح الشارع في الردع، وكفاية عدم ثبوت الردع في الامضاء. وقد صرح في الكفاية أيضا بذلك وان شئت فراجع قوله (قدس سره) في ذيل فإنه يقال: ضرورة أن ما جرت عليه السيرة المستمرة إلى قوله (قدس سره) يكون عقلا وشرعا متبعا ما لم ينهض دليل على المنع عن اتباعه في الشرعيات.
يقال: مقصود الأستاذ - دام بقاه - أنه مع قطع النظر عن التقريب الأول لا يصح اثبات ذلك بالدور. ولو قيل بكفاية ذلك، فنحن مستغنون عن الاستدلال بالدور، فالدور لا يتم الا بما لا نحتاج معه إليه، وهو لزوم العلم بالردع في الارتداع عن السيرة، فافهم فإنه لطيف.
يقال: مقصود الأستاذ - دام بقاه - أنه مع قطع النظر عن التقريب الأول لا يصح اثبات ذلك بالدور. ولو قيل بكفاية ذلك، فنحن مستغنون عن الاستدلال بالدور، فالدور لا يتم الا بما لا نحتاج معه إليه، وهو لزوم العلم بالردع في الارتداع عن السيرة، فافهم فإنه لطيف.