وكيف كان فقد عرفت انه بناءا على اعتبار الاخبار من باب الطريقية، فمقتضى الأصل التعيين، لأنه مع دوران الامر بين الاخذ بما هو متيقن الحجية، وما هو مشكوك الحجية، فاللازم الاخذ بالأول، فان جعل ما شك في اعتباره فعلا مدركا للحكم الشرعي تشريع محرم. وحيث أن التحقيق اعتبار الاخبار من باب الطريقية، فالأصل في المسألة التعيين.
هذا تمام الكلام في مقتضى الأصل في المقام. وأما الأدلة التي أقاموها على الترجيح، فأمور نذكر بعضها، لعدم الفائدة في ذكر الجميع.
(منها) - الاجماع، قال بعض الأساطين قدس سره في طي أمور استدل بها على المقصود ما لفظه: (الثاني الاجماع بقسميه، بل باقسامه من القولي والعملي المحقق والمنقول. أما الاجماع المحقق القولي، فطريق تحصيله مراجعة كتبهم، خصوصا الأصولية المعدة لذلك، فإنهم ينادون بأعلى أصواتهم بوجوب العمل بأرجح الدليلين، من غير خلاف محقق إلا خلاف شاذ ممن عرفت، فان الاطلاقات النادرة - والأقوال الشاذة الصادرة عن بعض الآراء والاجتهادات في مقابل جمهور العلماء - مما لا يعبأ به، والا لم يبق للاجماع - في غير الضروريات من مسائل
____________________
(146) هذا لولا احتمال عدم المصلحة في طرف المرجوح أصلا، فيصير المقام نظير الغريقين، مع احتمال الأهمية في أحد الطرفين. وأما مع احتمال ذلك، فلا نعلم بتحقق التكليفين حتى اقتضاءا، لاحتمال أن لا يكون للمرجوح في قبال الراجح مصلحة أصلا، فيصير المقام نظير ما ذكر أولا، فيجيب الاتيان بالراجح. والظاهر تحقق هذا الاحتمال لو لم نقل برجحانه، فتأمل.