(فان قلت) كيف يمكن ان تكون الإرادة اختيارية، والمعتبر في اختيارية الشئ ان يكون مسبوقا بها، فلو التزمنا في الإرادة كونها اختيارية لزم التسلسل.
(قلت) انما يلزم التسلسل لو قلنا بانحصار سبب الإرادة في الإرادة، ولا نقول به، بل ندعي أنها قد توجد بالجهة الموجودة في المتعلق أعني المراد، وقد توجد بالجهة الموجودة في نفسها، فيكفي في تحققها أحد الامرين. وما كان من قبيل الأول لا يحتاج إلى إرادة أخرى، وما كان من قبيل الثاني حاله حال ساير الافعال التي يقصدها الفاعل، بملاحظة الجهة الموجودة فيها. ولازم ما ذكرنا أنه قد يقع التزاحم بين الجهة الموجودة في المتعلق والجهة الموجودة في الإرادة، فيحنئذ ترجيح إحدى الجهتين يستند إلى إرادة أخرى، فلو فرضنا كون الفعل مشتملا على نفع ملائم لطبع الفاعل، وكون ارادته مشتملة على ضرر يخالف طبعه، فترجيح إرادة الفعل إنما هو بعد ملاحظة مجموع الجهتين، والاقدام على الضرر المترتب على تلك الإرادة، ولا نعنى بالفعل الاختياري إلا هذا.
____________________
وأما على زعم من تكون الإرادة عنده عبارة عن الشوق المؤكد ليس الا، فبعض الأوقات وان كان اختياريتها باختيارية بعض مباديها، كتصور المراد أو الجزم إليه أحيانا، لكن في الغالب لم تكن مسببة عن تلك المبادي. ولا محالة تكون قهرية.
ولذا الجئ في الكفاية إلى الالتزام بكون العقاب والثواب من تبعات القرب والبعد، والتزم في التجري أيضا بالعقاب بذلك التقريب.
ولذا الجئ في الكفاية إلى الالتزام بكون العقاب والثواب من تبعات القرب والبعد، والتزم في التجري أيضا بالعقاب بذلك التقريب.