توضيح ذلك أنه قد يكون التكليف متعلقا بالعنوان المتولد من السبب الخارجي، ويشك في أن سبب حصول ذلك العنوان المكلف به، هل هو الأقل أو الأكثر، فيجب حينئذ الاحتياط باتيان الأكثر، حتى يعلم تحقق العنوان. والامر بالطهارة من هذا القبيل، لأنها امر معنوي يتحصل من أفعال خارجية. وكذلك لو أمرنا بالتأديب، ولم نعلم أنه يحصل بضربة أو بضربتين مثلا، وهكذا. وقد يكون التكليف متعلقا بما هو عين الخارج، لا انه يتحصل به، كما فيما نحن فيه، فان صرف الوجود الذي جعلناه متعلقا للنهي الغيري هو عين الوجودات الخارجية، والنهى المتعلق به في الحقيقة راجع إلى النهى عن تلك التحصلات الخارجية.
فحينئذ يقال: أنا نعلم من جهة ذلك النهى تقييد الصلاة بعدم تلك التحصلات المعلومة، ونشك في تقييدها بالزائد، ومقتضى الأصل البراءة. والفرق بين هذا الفرض وسابقه أنه في السابق كانت الشبهة من مصاديق الشبهة في الأقل والأكثر من حيثية واحدة، وفى هذا الفرض من حيثيتين: (إحداهما) من جهة ارتباط القيد بالصلاة (والثانية) من جهة الارتباط الموجود في نفس القيد. ولا ضير بعد ما لم تكن هذه الجهة منشأ للاحتياط. هذا ما استفدناه من سيدنا الأستاذ طاب ثراه في بيان الأصل العقلي، نقلا عن سيد مشايخنا الميرزا الشيرازي قدس سره.
____________________
(95) لا يخفى منافاة التقريب المذكور لما مر منه - دام بقاه - من الالتزام بالاشتغال، على قول الصحيحي، مع أن ما وضع له اللفظ - على هذا القول - ليس غير الجامع الذي هو عين الخارجيات لا شئ يحصل بها، فراجع، فان ما ذكر - دليلا للاشتغال هناك - بعينه جار في المقام، ولا مجال لتكراره فعلا.