وفيه ان قصد القربة إن جعلناه من الاغراض المترتبة على الامر، بان قلنا لا يمكن ادراجه في المأمور به، فمعلوم ان تنجزه تابع لتنجز الامر، إذ لا يعقل عدم تنجز الامر الذي هو سبب لتنجز الغرض وتنجزه، فكما أن العقل يحكم في الشبهات البدوية بعدم تنجز الغرض المترتب على الامر على المكلف، كذلك هنا على القول بالبراءة. نعم لو كان التكليف متعلقا بالأقل، يجب على المكلف امتثاله على نحو يسقط به الغرض، إذ الحجة قد قامت عليه. والمفروض أنه يأتي بالأقل المعلوم بقصد الإطاعة، لا بأغراض اخر.
فان قلت كيف يتمشى قصد القربة فيما دار امره بين ان يكون واجبا نفسيا أو مقدميا، والمفروض عدم حصول القرب في امتثال التكليف المقدمي؟
قلت المقدار المسلم اعتباره في العبادات أن توجد على نحو يعد فاعله من المنقادين للمولى. ومن المعلوم حصوله هنا، كيف؟ ولو كان المعتبر أزيد من ذلك، لا نسد باب الاحتياط في العبادات في موارد الشبهة في أصل التكليف، إذ لا يعلم العبد أن ما يأتي به لغو أو مطلوب للمولى، فكيف يقصد القربة؟
ومن هنا ظهر الجواب عن هذا الاشكال، على تقدير القول بكون قصد القربة داخلا في المأمور به، فإنه يصير حينئذ كالاجزاء المعلومة في لزوم المراعاة باتيانها متقربا على نحو ما ذكرناه. هذا تمام الكلام في الأصل العقلي.
واما الأصل الشرعي فنقول إن الدليل العمدة في المقام هو حديث الحجب وحديث الرفع، ومفادهما بالنسبة إلى مورد الشك واحد.
وتقريب الاستدلال على مبنى القائل بالبراءة عقلا واضح، فان مقتضاهما