ما إذا كانت الواسطة بين المستصحب وبين الحكم الشرعي من الوسايط الخفية. والسر في ذلك أن العرف لا يرى ترتب الحكم الشرعي على تلك الواسطة، بل يراه مرتبا على نفس المستصحب وخطاب لا تنقض اليقين بالشك - كسائر الخطابات - تعلق بالعنوان، باعتبار مصاديقه العرفية لا الواقعية العقلية، ولذا لا يحكم بواسطة دليل نجاسة الدم بنجاسة اللون الباقي منه، بعد زوال العين، مع أنه من افراد الدم بنظر العقل والدقة، بواسطة استحالة انتقال العرض.
فما يتوهم - من أن المسامحة العرفية بعد العلم بخطأهم - لا يجوز الاعتماد عليها، وأن المقام من هذا القبيل - ناش عن عدم التأمل، فان المدعى ان مورد الحكم بحسب الدقة هو المصاديق العرفية. نعم لو ترتب حكم على عنوان باعتبار ما هو مصداقه بحسب الواقع، لا يجوز الاعتماد على ما يراه العرف مصداقا، من باب المسامحة. وهذا واضح جدا.
واستثنى شيخنا الأستاذ دام بقاه أيضا ما إذا كانت الملازمة بين الشيئين جلية، بحيث يستلزم التنزيل في أحدهما التنزيل في الآخر، كالأبوة والبنوة، وهو كلام في غاية المتانة، ولا يجب أن يكون لكل منهما اثر حتى يصح بلحاظ التنزيل، بل وضوح الملازمة بينهما صار بحيث يعد اثر كل واحد منهما اثرا للآخر، كما لا يخفى.
ثم إنه لا باس بالإشارة إلى بعض الموارد التي توهم كونه من الأصول المثبتة. وقد ذكرها شيخنا الأستاذ دام بقاه وأجاب عنها:
(منها) - ما لو نذر التصدق بدرهم ما دام ولده حيا، حيث توهم أن استصحاب حياته - في يوم شك فيها لاثبات وجوب التصدق بدرهم - مثبت لعدم ترتب الأثر الشرعي على حياة الولد في دليل من الأدلة، بل موضوع الوجوب هو الوفاء بالنذر، وحياة الولد توجب أن يكون الدرهم المتصدق به وفاءا للنذر.
ومثل هذا الاشكال جار في استصحاب حياة زيد لاثبات وجوب الانفاق من ماله على زوجته، لان حياة زيد ليست موضوعة في الدليل، بل الحكم مرتب على