فتدبر جيدا.
ومن جملة ما استدلوا به على البراءة قوله عليه السلام في المرسلة (كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى) وهذا كبعض ما سلف لو تمت دلالته لدل على البراءة في الشبهة التحريمية، وادعى شيخنا المرتضى قدس سره كونها أوضح دلالة من الكل.
وفيه ان الاستدلال بها على المطلوب يبني على حمل قوله عليه السلام - (حتى يرد فيه نهى) - على الثبوت عند المكلف، والا فلو حمل على الورود في نفس الامر، كما أنه لم يكن ببعيد، فلا تدل الا على إباحة الأشياء قبل تعلق النهى بها واقعا، فما شك في تعلق النهى به وعدمه من الشبهات، لا يجوز لنا التمسك بالعام فيها، إلا أن يتمسك باستصحاب عدم النهى لاحراز الموضوع. وعلى هذا لا يحتاج إلى الرواية في الحكم بالاطلاق، لأنه لو صح الاستصحاب لثبت به ذلك فافهم.
هذه عمدة الأدلة في الباب. وقد عرفت ما ينفع منها. والأدلة الاخر التي ذكروها في المقام من الآيات والاخبار - لعدم كونها نافعة - لم نتعرض لها، رعاية للاختصار. بقى هنا أمران:
(الأول) - أنه - بعد ما عرفت حال الشبهة الحكمية في أصل التكليف من الوجوبية والتحريمية - ينبغي التكلم في الموضوعية من هذا القسم أيضا: فنقول مجمل القول فيها أن التكاليف المتعلقة بالطبيعة على أنحاء:
(أحدها) - أن تتعلق بها باعتبار صرف الوجود أعني المقابل للعدم المطلق.
(ثانيها) - أن تتعلق بها باعتبار الوجودات الخاصة.
(ثالثها) - أن تتعلق بها باعتبار مجموع الوجودات من حيث