(الامر الخامس) - انه قد عرفت في طي المسائل السابقة ان الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي انما يجب فيها الاحتياط بشروط:
(منها) - كون الأطراف كلها موردا للابتلاء، بحيث لا يكون التكليف بالنسبة إلى بعضها مستهجنا.
(ومنها) - عدم الاضطرار إلى بعض الأطراف إما معينا وإما غير معين، فإنهما مشتركان في عدم وجوب الاحتياط، كما لا يخفى.
(ومنها) - عدم كون الاحتياط في جميع الأطراف حرجيا، ولو كان كذلك لم يجب الاحتياط.
إذا عرفت ذلك فنقول قد اشتهر أن الشبهة الغير المحصورة لا يجب فيها الاحتياط، بل ادعى عليه الاجماع، بل الضرورة، فلا بد أن تفرض الشبهة على نحو لو فرض كونها محصورة لوجوب فيها الاحتياط، لكونها جامعة للشرايط المعتبرة في تنجزها، إذ لو فقد بعض ما ذكر، فعدم وجوب الاحتياط إنما يكون من جهة عدم الشرط، لا من جهة كونها غير محصورة، فلنفرض الكلام فيما إذا علمنا بحرمة شئ مردد بين أمور كثيرة، ولم يكن الاجتناب عن الجميع حرجيا، ولم يكن بعضها خارجا عن محل الابتلاء، ولم يكن المكلف مضطرا إلى ارتكاب البعض. فما قيل في وجه عدم وجوب الاحتياط فيها - من عدم ابتلاء المكلف بالنسبة إلى جميع الأطراف، أو كون الاحتياط فيها حرجيا وأمثال ذلك - أجنبي عن المقام.
إذا عرفت موضع البحث فنقول: غاية ما يمكن ان يقال - في وجه عدم وجوب الاحتياط - هو أن كثرة الأطراف توجب ضعف احتمال كون الحرام مثلا في طرف خاص، بحيث لا يعتنى به العقلاء، ويجعلونه كالشك البدوي، فيكون في كل طرف يقدم الفاعل على