واما لو لم نقل بتأثير العلم الاجمالي، وتمسكنا لحرمة مخالفة الاحكام المجعولة في المقام بالاجماع فيشكل الحكم بتقديم الظن عقلا (55)، لان الاجماع ان كان منعقدا على مجرد حرمة المخالفة القطعية لتلك الأحكام، فيكفي في عدم مخالفة هذا الاجماع الاتيان بالمشكوكات والموهومات، وإن كان على وجوب الاخذ بالظن، فتعين الظن حينئذ شرعي لا عقلي، إلا أن يقال بان الاجماع منعقد على أمرين: (أحدهما) حرمة المخالفة القطعية (ثانيهما) عدم جواز الاكتفاء بالشك أو الوهم، فنتيجة هذين الاجماعين ان الشارع إما جعل طريقا خاصا للواقعيات، واما أن الظن عنده حجة. ولما كان الطريق الآخر مشكوكا فيه، والقابل للسلوك إلى الواقع في هذه الحال منحصرا في الظن، يتعين بالعقل اعتباره.
هذا ولكن لا يخفى أن هذا البيان يرجع إلى حجية الظن شرعا من باب الكشف، وسيجئ توضيح ذلك انشاء الله تعالى.
وينبغي التنبيه على أمور:
____________________
اللهم إلا أن يقال: إن العقل إذا اكتشف الحكم بوجوب الاحتياط من لزوم الجمع بين الغرضين، وعلم أن أحد الغرضين نفس الواقعيات، فيلزم المكلف بالاقتصار في ترك الاحتياط على خصوص الموهومات، والاحتياط في المشكوكات والمظنونات، إن لم يلزم منه الحرج أيضا. وإلا ففي خصوص المظنونات، ولا نعني بالحكومة الا ذلك، لا وجوب متابعة الظن مطلقا.
(55) هذا إن لم يكن الاجماع على مجرد أهمية الواقع في نظر الشارع، بحيث يعاقب عليه حتى مع الشك، فإنه على ذلك لا يجب على الشارع جعل طريق إليه، بل يمكن أن يكل المكلف إلى ما يحكم به عقله، وهو يحكم بلزوم العمل بالظن، مع عدم امكان الاحتياط ولو تبعيضا، وسيأتي منه - دام ظله - التصريح بذلك.
(55) هذا إن لم يكن الاجماع على مجرد أهمية الواقع في نظر الشارع، بحيث يعاقب عليه حتى مع الشك، فإنه على ذلك لا يجب على الشارع جعل طريق إليه، بل يمكن أن يكل المكلف إلى ما يحكم به عقله، وهو يحكم بلزوم العمل بالظن، مع عدم امكان الاحتياط ولو تبعيضا، وسيأتي منه - دام ظله - التصريح بذلك.