فان قلت: الامر كما تقول فيما إذا كان رفع اليد عن المرتبة العليا بواسطة عدم التمكن عقلا. وأما إذا كان بواسطة اذن الشارع، فيكشف عن عدم فعلية الاحكام على تقدير تحققها في البعض المرخص فيه، لامتناع اجتماع الحكمين الفعلين في مورد واحد، ووجودها في البعض الآخر غير معلوم، فاذن ينتفى اثر العلم الاجمالي بالمرة. فللقائل باعتبار الظن من باب الكشف أن يقول: لم يبق لنا الا الاجماع على عدم جواز ترك التعرض للأحكام الواقعية بوجه من الوجوه، واجماع آخر على عدم جواز الاقتصار على مجرد اتيان المشكوكات أو الموهومات، فيثبت بذينك الاجماعين جعل طريق من الشارع، إذ لولا ذلك لما صح عقلا العقاب على ترك التعرض للأحكام، فان ما كان منجزا وهو العلم الاجمالي قد ارتفع اثره. ولما كان الطريق القابل للسلوك في نظر المكلف في الحال التي هو عليها منحصرا بالظن يكشف عن اعتباره.
قلت رفع اثر العلم الاجمالي - مطلقا بواسطة الاذن في بعض الأطراف - ممنوع. أما بناءا على عدم المنافاة بين فعلية الاحكام الواقعية والترخيص الوارد من الشرع في مورد الشك فواضح، لان العلم بوجود الاحكام الفعلية باق على حاله مع هذا الترخيص (58)، فيجب على
____________________
(58) لا يخفى ان الترخيص لا ينافي فعلية الاحكام على هذا المبنى، إن كان في مرتبة الشك فيها، فإنه لا منافاة بين الترخيص في مرتبة الشك مع الفعلية في مرحلة الذات المجردة عن الشك - كما مر مفصلا -. أما إذا كان الترخيص في مرتبة الذات كالثابت بأدلة الحرج، فكيف تجتمع مع الفعلية على اي تقدير، والظاهر أن