أقول لا يخفى أن المراد من السنة - التي ادعى الاجماع والضرورة على وجوب العمل بها - إن كانت السنة الواقعية (49) فهذا يرجع إلى دليل الانسداد الآتي المثبت لحجية كل ظن، لا خصوص الاخبار. وإن كان المراد هو اخبار الآحاد الحاكية عن السنة، فمع أنه لا ينبغي دعوى الضرورة على وجوب العمل بها يوجب العمل بما هو متيقن الاعتبار لو كان، وإلا فالعمل بالكل تحصيلا للامتثال اليقيني. ولا يجوز الاكتفاء بالخبر المظنون الصدور أو الاعتبار.
وأما الوجوه التي استدل بها على حجية مطلق الظن من غير خصوصية للخبر فهي أربعة:
(الأول) أن مخالفة المجتهد - لما ظنه من الحكم الوجوبي أو التحريمي - مظنة للضرر، ودفع الضرر المظنون لازم. أما الصغرى، فلان الظن بالوجوب أو الحرمة مستلزم للظن بالعقوبة على المخالفة، أو بالمفسدة
____________________
(49) الظاهر أن كلامه (قدس سره) كالصريح في أن المراد بها هي الاخبار الحاكية، وان شئت فراجع، كما أن الظاهر أنه (قدس سره) غير مجازف في دعوى الضرورة، فان من اعرض عن جميع ما بأيدينا من الاخبار - ولو لعدم العلم بها وعدم العلم بحجيتها، وبنى في استنباط احكامه على غيرها من الامارات - الظاهر أنه يعد خارجا من الدين بضرورة من الشيعة، لأنهم يأخذون الاحكام منها إما علما وإما ظنا فراجع كلامه - زيد في علو مقامه - لعلك تفهم مراده، وتجد صدق دعواه أكثر مما ذكرنا...