وحينئذ فلو تمكن من تحصيل الاطمينان بالمقدار المذكور، اقتصر عليه، وإن تساوت الظنون يتخير في اخذ المقدار المذكور من بينها. هذا مقتضى التأمل في نتيجة دليل الانسداد. والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
الامر الثاني أن قضية المقدمات المذكورة - على تقدير سلامتها - هل هي حجية الظن بالواقع أو بالطريق أو بهما معا؟ فقد ذهب إلى كل فريق، واختار شيخنا المرتضى قدس سره الثالث.
وحاصل ما افاده في وجهه: أن المهم للمكلف تحصيل براءة الذمة عن الواقعيات، فان تمكن من ذلك على سبيل العلم، تعين عليه.
وان انسد باب القطع إلى ذلك يتنزل إلى الظن بذلك. ولا اشكال في أن العلم بالبراءة - كما أنه يحصل بأحد أمرين إما تحصيل العلم بالواقع واتيانه، وإما تحصيل ما هو طريق قطعي إليه، وليس بينهما تفاوت عند العقل - كذلك الظن بالبراءة يحصل بأحد أمرين إما تحصيل الظن بنفس الواقع، وإما تحصيل الظن بما هو طريق مجعول إليه شرعا، فإذا انسد باب تحصيل العلم بالمبرئ يؤول امر المكلف إلى التنزل إلى الظن بذلك.
ولا يعقل الفرق بين الظنين، لما قلنا إن المهم عند العقل في مقام الامتثال ليس ادراك الواقعيات، بل الخروج عن عهدة ما صار منجزا على المكلف بأي نحو كان.
هذا، أقول: لا اشكال في الكبرى التي أفادها في المقام، وهو ان العقل - بعد انسداد باب تحصيل العلم بالمبرئ - يعين الظن به بأي وجه كان، إنما الاشكال في أن العمل بما ظن كونه طريقا - وان لم يفد نفسه ظنا بالواقع - ظن بالابراء.
ومحصل الاشكال ان بدلية مفاد الطرق عن الواقع لو كانت تابعة لتحققها واقعا، وإن لم يعلم بها، كان الامر كما افاده قدس سره، لكن