ومجرد معلومية الأمارة لا يوجب انكشاف التكليف عقلا حتى يصير لأجله محركا، ومدعى هذا القائل أن الحكم مالم يصر محركا وباعثا فعليا لا يصير منجزا، مع أنه ضروري البطلان، فالتنجيز لا يتوقف على المحركية الفعلية كما ادعى القائل.
فتلخص من ذلك: ان احتمال التكليف قبل الفحص منجز، موجب لصحة العقوبة عقلا على التكليف الواقعي.
وقد يقرر حكم العقل على وجوب الفحمى بوجه آخر: وهو أن الاقتحام قبل الفحص خروج عن زي الرقية ورسم العبودية فيما إذا كان التكليف لا يعلم عادة إلا بالفحص، فالإقتحام بلا فحص ظلم على المولى.
والفرق بين هذا الوجه والوجه الأول: أن العقوبة على الوجه الأول إنما هي على مخالفة التكليف الواقعي المنجز، وعلى الثاني على الإقدام بلا فحص، لأنه بنفسه ظلم وملاك لاستحقاق العقوبة، سواء خالف الواقع أولا، كما في التجري، فمناط صحة العقوبة هو تحقق عنوان الظلم، لا مخالفة التكليف الواقعي حتى يقال: إنها قبيحة بلا بيان، فعقاب المولى عبده على مخالفة التكليف الواقعي قبيح وظلم، كما أن إقدام العبد أو تركه بلا فحص ظلم على المولى، ولكل منهما حكمه. نعم التحقيق أن الظلم لا ينطبق على الإقدام، بل على ترك الفحص عن التكليف الذي لا يعلم عادة إلا به (1).
وفيه نظر واضح، ضرورة أنه ليس تحقق الظلم إلا باعتبار احتمال مخالفة