ثم إنه على هذا الاحتمال لا يبعد ظهوره في الواجبات، لعدم العهدة في المستحبات، وإن كان اعتبار العهدة فيها - أيضا - لا يخلو من وجه، وأما مع دعوى ظهوره في الواجبات فتسرية الحكم إلى المستحبات - بدعوى تنقيح المناط أو إلقاء الخصوصية (1) - فمجازفة.
الكلام في مفاد العلوي الثاني وأما العلوي الثاني وهو قوله: (ما لا يدرك كله لا يترك كله) (2) فلا يبعد ظهوره في الكل المجموعي، لكن دلالته على حرمة ترك البقية مبنية على أظهرية (لا يترك كله) في مفاده من ظهور الموصول في مطلق الراجحات، وهو غير معلوم.
وما أفاد العلامة الأنصاري - من أن قوله: (لا يترك) كما أنه قرينة على تخصيص الموصول بغير المباحات والمحرمات قرينة على ذلك أيضا (3) - ممنوع، فإن القرينة على صرف الموصول عن غير الراجحات هو قوله: (لا يدرك كله)، لأن الدرك واللا درك إنما يطلقان في مقام يكون للمكلف - بما هو كذلك - داع إلى إتيانه وكذا للآمر، وهو لا يكون إلا في الراجحات.
فيكون معنى قوله: (ما لا يدرك كله..) أي كل راجح يكون للمكلف داع