حتى يكون المتحصل من عدة أجزاء غير المتحصل من عدة أخرى أكثر، بل ليس للمركب تحصل إلا تحصل الأجزاء، فهو هي، وهي هو، لكن العقل قد يرى الأجزاء في لحاظ الوحدة، وقد يرى الكثرات، واختلاف ملاحظة العقل لا يوجب اختلافا جوهريا في الملحوظ.
وبالجملة: ليس الاختلاف بين الأقل والأكثر إلا بالأقلية والأكثرية لاغير، فهما مشتركان في عدة أجزاء، وممتازان في بعض أجزاء اخر، وليس اختلافهما في الأجزاء الداخلة في الأقل، بل في الزيادة، ومجرد لحاظ العقل للأجزاء بنحو الوحدة لا يوجب تباين الملحوظ لملحوظ آخر.
وإن شئت قلت: لا إشكال في أن الحجة قائمة على وجوب إتيان الأقل، والزيادة مشكوك فيها لم تقم حجة عليها.
هذا، مضافا إلى أن ما ذكرت من إيجاب تباين الصورتين للاحتياط لازمه تكرار المركب بإتيانه تارة في صورة الأقل، وتارة في صورة الأكثر، ولا يكاد يكفي إتيان الأكثر كما لا يخفى.
الإشكال الثالث: أن يقال: إن وجوب الأقل دائر بين كونه نفسيا أصليا توجب مخالفته العقاب، وبين كونه نفسيا ضمنيا لا يعاقب على تركه؟
فإن العقاب إنما هو على ترك الواجب الأصلي لا الضمني، فلا يحكم العقل بلزوم إتيان الأقل على أي تقدير، بل يكون أمره من هذه الجهة كالمردد بين الواجب والمستحب، فإذا لم يحكم العقل بوجوب إتيانه كذلك فلا ينحل به العلم الإجمالي، فلابد من الخروج عن عهدته