وفيه: أن الأقل لا يكون واجبا مستقلا، بل هو واجب بعين وجوب المركب، بمعنى أن الوجوب المتعلق به يكون حجة على الأقل بلا إشكال وريب، فحينئذ نقول: ما قامت الحجة عليه - وهو الأقل - يكون المكلف آتيا به، وما تركه لم تقم الحجة عليه، وليست نسبة الأجزاء إلى المركب نسبة المحصل إلى المتحصل منه، بل المركب عين الأجزاء، وقيام الحجة عليه عين قيام الحجة عليها فيما كانت الأجزاء معلومة.
وبالجملة: لا يعقل داعوية الأمر بالمركب بالنسبة إلى أجزائه مرتين، فالمكلف إذا جد جهده في الفحص عن أجزاء المركب، وأتى بما هو معلوم وترك ما هو مشكوك فيه، يكون العقاب عليه عقابا بلا بيان.
وإن شئت قلت: بعد الإتيان بالأقل لا يكون الأمر داعيا إليه، وما لم يأت به يكون مشكوكا فيه، فلا دعوة للأمر بالنسبة إليه رأسا.
الإشكال الخامس: ما أفاده المحقق الخراساني - رحمه الله -: وهو دعوى تحقق العلم الإجمالي وامتناع الانحلال:
إما للزوم الخلف، وتقريره: أن تنجز التكليف مع تعلقه بالأكثر لابد وأن يكون مفروضا حتى لزم الأقل فعلا على أي تقدير إما لنفسه أو لغيره، لأنه مع عدم مفروضية تنجزه لا يعقل العلم بفعلية التكليف بالنسبة إلى الأقل على أي تقدير، فإن أحد التقديرين كونه مقدمة للأكثر، فلو لزم من فعلية التكليف بالأقل عدم تنجز الأكثر كان خلف الفرض.
سطر 11 - 17.