احتمال المنجز (1)؟!
وفيه: أن تنجز الحكم كفعليته لا يتوقف على علم المكلف، فالأحكام التي تكون من قبل المولى تامة وقابلة للإجراء فعلية منجزة، ومعنى تنجزها كون مخالفتها موجبة لصحة العقوبة اتصفت بالباعثية أولا، بل قد عرفت (2) أن الأوامر والنواهي ليست باعثة ولا زاجرة بذاتها حتى في صورة العلم بها، بل الزاجر والباعث مباد أخرى موجودة في نفس المكلف.
وبالجملة: أن تنجز التكليف - أي صيرورته بحيث يحكم العقل بأن مخالفته موجبة لصحة العقوبة - لا يتوقف على الباعثية والمحركية، بل قد يكون احتمال التكليف موجبا للتنجيز كما فيما نحن فيه، ضرورة أن العقل يحكم بأن العبد غير معذور في مخالفة حكم المولى الذي هو مكتوب في صحيفة مرسلة إليه مع احتماله لذلك، وليس للعبد أن يترك قراء ته قائلا بأنه لا يكون التكليف بوجوده الواقعي منجزا ولا داعي لي إلى تحصيله، فنفس الاحتمال قبل الفحص موجب لصحة العقوبة على التكليف الواقعي لو صادف الواقع.
ولو توقف التنجيز على المحركية والباعثية الفعلية للزم منه أن لا تصح العقوبة على التكليف الواقعي في صورة قيام الأمارة المعتبرة عليه مع الشك فيه أو الظن بخلافه، لأن التكليف الطريقي المعلوم لا يوجب صحة العقوبة، والتكليف الواقعي مع الشك فيه لا يكون محركا ومنكشفا ولو بالعرض،