المتعلق به إنما يكون داعيا إليها، إذا قامت الحجة على كون المركب متركبا من الأجزاء الكذائية ومنحلا إليها، وأما مع عدم قيام الحجة عليه فلا يمكن أن يكون الأمر به حجة عليها وداعيا إليها، فمع الشك في جزئية شئ للمركب لا يكون الأمر المتعلق به حجة عليه، ضرورة أن تمامية الحجة إنما تكون بالعلم، والعلم بتعلق الأمر بالمركب إنما يكون حجة على الأجزاء التي علم بتركب المركب منها، لما عرفت من أن سر داعوية الأمر المتعلق به للأجزاء ليس إلا كونه منحلا إليها ومتركبا منها، فمع الشك في دخالة شئ في المركب واعتباره فيه عند ترتيب أجزائه، لا يكون الأمر بالمركب حجة عليه.
فتحصل مما ذكرنا: أن الأصل العقلي في باب الأقل والأكثر الارتباطيين هو البراءة، فإذا اجتهد العبد في تحصيل العلم بأجزاء المركب، وبذل جهده في التفحص عن الأدلة بمقدار ميسوره، وقامت الحجة على عدة أجزاء للمركب، وعلم أن المولى قد أخذها فيه قطعا، وشك في اعتبار شئ آخر جزء، فأتى بما قامت الحجة عليه، وترك غيرها مما هو مشكوك فيه، لا يعد عاصيا، ويكون العقاب على تركه بلا بيان ولا برهان.
الإشكالات على جريان البراءة في المقام نعم هاهنا إشكالات لابد من التفصي عنها لتحقيق المقام:
الأول: أن العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو الأكثر حجة على التكليف ومنجز له، ولابد من الاحتياط بإتيان الجزء المشكوك فيه، ولا ينحل هذا العلم