الأمر الخامس في شمول الحديث للأمور العدمية بناء على أن المرفوع تمام الآثار، هل يشمل الحديث الأمور العدمية، أم يختص بالوجوديات؟
مثلا: لو نذر أن يشرب من ماء دجلة، فأكره على الترك، أو اضطر إليه، أو نسي أن يشرب، وقلنا بعدم اختصاص الكفارة بصورة تعمد الحنث، فهل يمكن التمسك بالحديث لرفع وجوب الكفارة، أم لا؟
ترى أن في صحيحة البزنطي نقل الحديث بلفظ (ما أخطأوا)، وليس ذلك إلا لأجل ما يفهم منه عرفا، لكن لا بمعنى استعمال اللفظ في غير ما وضع له كما لا يخفى.
وبما ذكرنا يظهر: عدم شمول الحديث لآثار عنوانهما النفسي من غير لزوم تكلف وتخصيص.
ويدفع أيضا: إشكال التفكيك بين فقرات الحديث، وذلك لأن العناوين السبعة الأول لما كانت عناوين طريقية، فلا محالة ينتقل ذهن العرف منها إلى المترائي بها ولو فرض أخذ نفس العناوين في الموضوع، فضلا عن نسبته الرفع إلى الموصول في أربعة منها، ولا تفكيك بين الخطأ والنسيان وبين ما أخذ الموصول فيه موضوعا، لما عرفت من طريقية عنوانهما.
وأما الثلاثة الأخيرة - أي الحسد والطيرة والوسوسة - فعناوين نفسية منظور إليها، فلا محالة يتعلق الرفع بذاتها. ففي الحقيقة تعلق الرفع في جميع الفقرات بعناوين نفسية، لكن في المخطى والمنسي بتوسط الطريق إليهما، وفي غيرهما بتوسط الموصول أو ذكر نفس العناوين، من غير ارتكاب خلاف ظاهر كما توهم (أ) [منه قدس سره] (أ) نهاية الأفكار - القسم الثاني من الجزء الثالث: 211 سطر 8 - 9.