العقل، ولا عذر للمكلف في ترك التكليف المعلوم وإتيان الفرد المشكوك فيه بتوهم كونه أحد طرفي الواجب التخييري. وهذا هو الأقوى.
فتحصل مما ذكرنا: أن الواجب التخييري إن كان من قبيل الواجبات المشروطة، فالأصل في دوران الأمر بينه وبين الواجب التعييني البراءة، وإلا فالأصل هو الاشتغال.
وأما البراءة الشرعية فالظاهر عدم جريانها، لأن رفع التعيينية - على فرض إمكانه - لا يثبت كون الفرد المشكوك الوجوب طرفا لمعلوم الوجوب، حتى يجوز الاكتفاء به عن الفرد المعلوم.
النحو الثاني:
مما ذكرنا يتضح الأمر في الفرض الآخر من الشك في التعيين والتخيير، وهو ما إذا علم توجه التكليف بشيئين وشك في التعيين والتخيير، فإن الأصل فيه - أيضا - البراءة إذا رجع التكليف التخييري إلى الواجبات المشروطة، والاشتغال على غيره، وإن كان احتمال البراءة في هذا الفرض أقرب من الفرض السابق، مع كون الواجب التخييري سنخا آخر من الوجوب، لإمكان أن يقال: إن أصل تعلق الوجوب بالفردين يقيني قامت الحجة عليه، وأما كيفية تعلقه بهما - وأنه على سبيل التعيين حتى يجب الإتيان بهما، أو على سبيل التخيير حتى لا يجب إلا الإتيان بواحد منهما - فغير معلوم، وليس للمولى حجة على التعيينية، لأن المردد بين الأمرين لا يكون