الأمر الأول في دوران الأمر بين الأقل والأكثر في الأسباب والمحصلات (1) أما العقليات والعاديات منها فلا مجال لجريان البراءة فيها، لأن المأمور به
(1) ومحط البحث في المقام هو العلم بتعلق الأمر بطبيعة، ولا يكون في محط الأمر ومتعلقه شك بين الأقل والأكثر، وإنما الشك في أسبابه ومحصلاته.
فلو علمنا باشتراط الصلاةبالطهر، وشككنا في حصوله بالمسحتين والغسلتين مطلقا، أو مع شرط أو كيفية خاصة، لكان الأمر في المحصل دائرا بين الأقل والأكثر لا في المحصل - بالفتح - ومعه لا إشكال في عدم جريان البراءة، من غير فرق بين كون العنوان البسيط - الذي هو المأمور به - ذا مراتب متفاوتة متدرج الحصول، وبين كونه دفعي الحصول.
فلو قلنا بحصول الطهارة في الغسل تدريجا، لكن شككنا في أن هذه الحقيقة المتدرجة الوجود هل تحصل بمطلق الغسل، أو يشرط بأمر آخر كقصد الوجه - مثلا - أو تقديم بعض الأجزاء على البعض، فلا إشكال في الاشتغال.
فما في تقريرات بعض المحققين من التفصيل (أ) خلط وخروج عن محط النزاع على فرض، وهو فرض الشك في المأمور به بين الأقل والأكثر، وخلاف التحقيق على فرض آخر، وهو فرض معلومية المأمور به والشك في محصله.
كما أن تفصيله الآخر (ب) - وهو التفصيل بين كون العلم الإجمالي مقتضيا أو علة تامة - في غير محله، لأن الاشتغال اليقيني بعنوان معلوم بالتفصيل يقتضي البراءة اليقينية، وليس المقام من قبيل العلم الإجمالي في المأمور به حتى يأتي فيه ما ذكر، والعلم الإجمالي في المحصل عين الشك في البراءة، لا الشك في مقدار الاشتغال، فراجع كلامه. [منه قدس سره] (أ) نهاية الأفكار - القسم الثاني من الجزء الثالث: 401 - 402.
(ب) نفس المصدر السابق: 402 سطر 10 - 20.