في الدفاتر والزبر وبسطها بين الناس.
فلو لم يصل البيان من قبل المولى، أو وصل إلى الرسول ولم يبلغ، أو بلغ دون المتعارف، يكون العقاب على المخالفة بلا بيان، وأما مع إيصال الله - تعالى - وتبليغ الرسول والأئمة، وحفظ الأحكام في الكتب والصحف، وترك العبد وظيفته من الفحص والتفتيش، فلم يكن عقابه بلا بيان، وليس عند العقلاء معذورا، فالعقل يحكم بوجوب الفحص لدى الشبهة، ولا تجري البراءة العقلية حينئذ.
وقد يستشكل بأن الحكم مالم يعلم غير قابل للباعثية والمحركية، ضرورة أنه بوجوده الواقعي غير باعث ولا زاجر، بل بوجوده العلمي يكون كذلك، وإنما تتصف الأوامر الخارجية بالباعثية بالعرض بواسطة كشفها بوجودها العنواني الفاني فيها كما في المعلوم بالعرض، والكشف عن الواقع إنما يكون مع الوجود العلمي التصديقي لا الاحتمالي، فإنه غير كاشف عن الواقع، وما كان حاله كذلك لا يمكن أن يكون منجزا للواقع، فإن الواقع بنفسه لا يكون باعثا بالضرورة، والفرض أن احتمال تحققه ليس كاشفا عنه، فلا يكون الاحتمال موجبا لاتصاف الواقع بالباعثية ولو بالعرض، فالواقع ليس باعثا بالذات ولا بالعرض، فلا يكون الاحتمال منجزا له، فاحتمال الواقع ليس مساوقا لاحتمال المنجز، ولا يعقل فعلية الأمر الواقعي الذي عليه طريق واقعي بنحو الباعثية والمحركية إلا بعد وصوله حقيقة، فإذا لم يكن فعليا وباعثا حقيقة فكيف يعقل أن يكون منجزا حتى يكون احتماله