فيها لا يوجب الانحلال، إذ متعلق العلم تارة يتردد من أول الأمر بين الأقل والأكثر، كما لو علم بأن في هذا القطيع من الغنم موطوء وتردد بين العشرة والعشرين، واخرى يكون المتعلق عنوانا ليس بنفسه مرددا بين الأقل والأكثر من أول الأمر، بل المعلوم هو العنوان بما له من الأفراد الواقعية، كما لو علم بموطوئية البيض من هذا القطيع وترددت بين العشرة والعشرين.
ففي الأول ينحل العلم الإجمالي دون الثاني، فإنه لا ينحل بالعلم التفصيلي بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيه، بل لابد من الفحص التام عن كل محتمل، لأن العلم يوجب تنجز متعلقه بماله من العنوان.
وما نحن فيه من هذا القبيل، لأن المعلوم بالإجمال هي الأحكام الموجودة فيما بأيدينا من الكتب، ولازم ذلك هو الفحص التام، ألا ترى أنه ليس للمكلف الأخذ بالأقل لو علم اشتغاله لزيد بما في الطومار وتردد بين الأقل والأكثر، بل لابد له من الفحص [في] الطومار كما عليه بناء العقلاء، وما نحن فيه من هذا القبيل بعينه.
وأما في الوجه الثاني: فلأنه وإن علم إجمالا بوجود أحكام في الشريعة أعم مما بأيدينا من الكتب، إلا أنه يعلم إجمالا بأن فيما بأيدينا أدلة مثبتة للأحكام مصادفة للواقع بمقدار يحتمل انطباق ما في الشريعة عليها، فينحل العلم الإجمالي العام بالعلم الإجمالي الخاص، ويرتفع الإشكال، ويتم الاستدلال بالعلم الإجمالي لوجوب الفحص (1) انتهى.