ففيه: منع كون الاستصحاب من الأصول التنزيلية بالمعنى الذي يدعي (1) فإنه ليس في أدلته ما يستشم منها ذلك إلا ما في ذيل صحيحة زرارة الثالثة، حيث قال: (ولكنه ينقض الشك باليقين، ويتم على اليقين، فيبني عليه) (2) وأنت خبير بأن البناء على اليقين هو البناء على تحقق اليقين وبقائه عملا، وأما البناء القلبي على كون الواقع متحققا فلا.
كما أن الكبرى المجعولة في أدلة الاستصحاب وهي: (لا ينقض اليقين بالشك) لا ينبغي أن يتوهم منها أن عدم نقض اليقين بالشك يدل على البناء والالتزام على كون الواقع متحققا، بل الأصل التنزيلي بالمعنى المدعي مما لاعين له ولا أثر في الشرعيات، فراجع أدلة التجاوز والفراغ، وسائر أدلة القواعد والأصول، حتى تعرف صدق ما ادعيناه. نعم قد يمكن أن يدعي من أدلة الشكوك في باب الصلاة ذلك، ولكن فيه ما فيه أيضا.
تنبيه فيما لو كان لأحد الحكمين مزية إذا كان لأحد الحكمين مزية على الآخر - إما من حيث الاحتمال أو المحتمل - فلا إشكال في جريان البراءة عن التعيينية، ولو قلنا بأصالة التعيين عند