فتحصل: أن الأصل في الملاقى - بالفتح - جار وحاكم على الأصل في الملاقي وإن لم يعد إلى محل الابتلاء، فظهر أن الأصل في جميع الصور في الملاقي - بالكسر - سليم عن المعارض.
الجهة السادسة وجوه أخرى في وجوب الاجتناب عن الملاقي قد يستدل على وجوب الاجتناب عن الملاقي لأحد الأطراف: بأن معنى وجوب الاجتناب عن النجس هو الاجتناب عنه وعن ملاقيه (1)، بحيث يكون الاجتناب عن ملاقيه من شؤون وجوب الاجتناب عنه، وليس وجوب الاجتناب عن الملاقي لأجل تعبد آخر وراء التعبد بوجوب الاجتناب عن النجس، فالاجتناب واللا اجتناب عن الملاقي هو الاجتناب واللا اجتناب عن النجس، ويكون المرتكب للملاقي معاقبا على ارتكاب النجس لاعلى ارتكاب ملاقيه، لعدم الحكم للملاقي مستقلا.
وبالجملة: ليس في البين حكم إلا وجوب الاجتناب عن عين النجس، لكن لا يتحقق الاجتناب عنها إلا بالاجتناب عنها وعن ملاقيها، فإذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين يحكم العقل بوجوب الاجتناب عنهما وعن ملاقي أحدهما بعين حكمه بوجوب الاجتناب عن الملاقى، للعلم بوجوب الاجتناب شرعا إما عن الملاقى - بالفتح - وملاقيه الذي يكون