لكن الذي يسهل الخطب أن عبادية العبادة لا تتقوم بداعوية الأمر وتحقق مفهوم إطاعة الأمر، بل لو كان الداعي إلى إتيانه هو شئ آخر راجع إلى المولى كقصد التقرب أو الوصول إلى غرضه يصير العمل عبادة، ألا ترى أنه لو سقط أمر المولى بواسطة المزاحمة أو الضدية مع القول بامتناع الترتب، يكون المأتي به عبادة صحيحة مع عدم صدق مفهوم إطاعة الأمر عليه؟!
فلا نحتاج في صحة العبادة وعباديتها إلى كون الانبعاث ببعثه، بل الانبعاث باحتمال أمر المولى - أيضا - كاف في العبادية، فالإتيان بالمحتمل لاحتمال تعلق أمر المولى به إذا صادف الواقع عبادة صحيحة، بل الذي ينبعث باحتمال الأمر كان الأتم في العبودية ممن لا ينبعث إلا بالأمر المعلوم، فلا إشكال في تحقق الاحتياط المرغوب فيه من هذه الجهة.
الإشكال الثاني: ما يختص بالاحتياط في أطراف العلم الإجمالي إذا صار موجبا للتكرار: وهو أن تكرار العبادة فيما يمكن تحصيل العلم التفصيلي لعب بأمر المولى، ومعه كيف تتحقق العبادة (1)؟! ألا ترى أنه لو علم عبد بأن للمولى مطلوبا، وتردد أمره بين أمور كثيرة غير مرتبطة، فترك السؤال عنه مع إمكانه، فقام بإتيان الأطراف، فدعا جمعا من العلماء باحتمال أن منظوره انعقاد مجلس عقد النكاح، وأخبر حملة الموتى باحتمال موت بعض أقربائه، وأتى بعدة من الحمالين والبنائين والنجارين والمواشي والأنعام والطيور،