فظهر: أن الإشكال من هذه الحيثية - أيضا - مرتفع، فالاحتياط جائز حتى مع إمكان العلم التفصيلي.
الإشكال الرابع: أنه يعتبر في حسن الاحتياط إذا كان على خلافه حجة شرعية أن يعمل المكلف أولا بمؤدى الحجة، ثم يعقبه بالعمل على خلاف مقتضى الحجة إحرازا للواقع، إلا إذا لم يستلزم منه تكرار العمل واستئناف جملته، فإذا قامت الحجة على وجوب الجمعة لا يجوز الابتداء بالظهر، نعم إذا أتى بالجمعة لا بأس بإتيانه من باب الاحتياط.
والسر فيه: أن معنى اعتبار الطريق إلقاء احتمال مخالفته للواقع عملا وعدم الاعتناء به، والعمل على طبق الاحتمال المخالف للحجة عين الاعتناء به، وهذا بخلاف ما إذا قدم العمل بمؤدى الطريق، فإنه حيث أتى بما هو وظيفته فالعقل يستقل بحسن الاحتياط رعاية للواقع.
هذا، مع أنه يعتبر في حسن الإطاعة الاحتمالية عدم التمكن من الإطاعة التفصيلية، فإن للإطاعة مراتب عقلا:
الأول: الامتثال التفصيلي.
الثاني: الامتثال الإجمالي.
الثالث: الامتثال الظني.
الرابع: الامتثال الاحتمالي.
ولا يجوز الانتقال إلى المرتبة اللاحقة إلا بعد تعذر السابقة، لأن حقيقة الإطاعة هي أن تكون إرادة العبد تبعا لإرادة المولى، بانبعاثه عن بعثه وتحركه