لتحريك عضلاته، فإنه غير معقول، ولا ينال أحد شيئا من خارج ذاته نيلا بالذات وبلا واسطة، بل العلم بالخارج لا يكون إلا بالعرض والواسطة كالبعث، ويكفي ذلك في حقيقة الطاعة.
وإن كان المراد من البعث أعم مما بالعرض فنمنع كلية الكبرى، ضرورة إمكان تحقق الانبعاث بالبعث بالعرض بل وقوعه دائما، لأن الواقع منكشف بالتبع وباعث بالعرض.
هذا كله في الأوامر المعلومة ولو بالعلم الإجمالي، فإن الواقع حينئذ منكشف ولو بالإجمال، وهو محرك للعبد.
وأما الاحتياط في الشبهة البدوية والمحتمل المخالف لقيام الأمارة، فلا يمكن أن يقال: إن الأمر المحتمل باعث، ويكون في صورة مصادفة الاحتمال للواقع ما هو المحرك هو نفس الواقع بالذات أو بالعرض، لأن الأمر الواقعي غير منكشف، ولا يكون الأمر المحتمل داعيا، بل الداعي الباعث هو احتمال الأمر لا الأمر المحتمل، وفرق واضح بينهما، إلا أن يراد به الأمر المحتمل بما هو محتمل حتى يرجع إلى احتمال الأمر، وإلا فلو قيل: إن الأمر المحتمل - أي الأمر الواقعي الذي هو موصوف بكونه محتملا - باعث ومحرك، فلا بد وأن يكون هذا الأمر الواقعي بهذه الصفة منكشفا حتى يكون باعثا بالعرض، وهو غير معقول، فالباعث في الشبهة البدوية هو احتمال الأمر، فلا يأتي فيه الجواب المتقدم، ولا تتحقق الإطاعة - أي الانبعاث ببعث الأمر - في هذا الاحتياط.