ومع تسليمه ممكن مع الجهل ثانيا، سواء فرض الشك البدوي أو المقرون بالعلم، نعم لو اعتبر الجزم في النية فيها فهو غير ممكن إلا مع العلم التفصيلي، فالإشكال إنما هو في صورة اعتبار الجزم فيها، ولكن لا دليل عليه عقلا ولا شرعا:
أما الأول: فلأن الأمر لا يقتضي إلا الإتيان بمتعلقه بتمام قيوده وحدوده، والواجب التعبدي يعتبر فيه قصد التقرب والإخلاص، ولا دليل على اعتبار شئ آخر فيه من قصد الأمر أو الجزم في النية، فلو أتى المكلف بالصلاة بتمام قيودها الشرعية من التكبيرة إلى التسليم باحتمال مطلوبيتها وتعلق الأمر بها، يكون عند العقل والعقلاء مطيعا مقربا، من غير فرق في ذلك بينه وبين من أتى بها مع علمه بالوجوب، ولا فرق عند العقل والعقلاء بين الانبعاث بالبعث المعلوم والانبعاث باحتمال البعث ولو مع إمكان تحصيل العلم التفصيلي، فالميزان في صحة العبادة عقلا موافقة المأتي به للمأمور به.
وأما عدم الدليل الشرعي فيظهر لمن تتبع في مظانه.
نعم قد يستدل بالإجماع على اعتبار قصد الوجه في العبادة (1) وأن تارك طريقي الاجتهاد والتقليد عبادته باطلة، المعتضد بدعوى الاتفاق المحكي عن أهل المعقول والمنقول (2) المعتضدة بالشهرة المحققة (3).
وفيه: أن دعوى الإجماع الكاشف عن الدليل المعتبر التعبدي في