ما ليس بسبب سببا، ويعطيه وصف السببية، ف " أنت كظهر أمي " - مثلا - قبل تعلق الجعل به لم يكن سببا للظهار، وبعد إعطاء السببية به صار سببا له، فالجعل يتعلق بوصف السببية، أي صيره الشارع سببا بعدما لم يكن كذلك، لا أن الجعل تعلق بالسبب ويكون وصف السببية انتزاعيا كما اشتهر بينهم (1).
وسر هذا الاشتهار مقايسة الأسباب التشريعية بالأسباب التكوينية، فإن الجعل التكويني إنما يتعلق بوجود السبب جعلا بسيطا، وسببية السبب غير مجعولة إلا بالعرض، فالجاعل جعل النار، لا النار نارا أو مؤثرة وسببا، ولما كان الأمر في الأسباب التكوينية كذلك صار منشأ للاشتباه في الأسباب التشريعية، واشتهر أن الجعل إنما يتعلق بالسبب لا بالسببية.
مع أن الأمر في التشريع ليس كذلك، فإن لفظة " أنت كظهر أمي " - مثلا - ليست متعلقة للجعل التشريعي، لا مفرداتها ولا جملتها التركيبية، بل هي موضوعة بالوضع اللغوي، لكنها لم تكن قبل اعتبار الشارع وجعله مؤثرة في الافتراق بين الزوجين، فأعطاها الشارع وصف السببية بالمعنى الذي ذكرنا.
فالمجعول هو سببية تلك اللفظة بما لها من المعنى الإنشائي، لا ذات السبب، أي ذات تلك اللفظة التي تكون مجعولة بالجعل اللغوي، وكذا الأمر في مطلق الأمور الاعتبارية العقلائية والشرعية، ولا إشكال في جواز جعل