فيها مبين، والشك إنما هو في حصوله وامتثاله، كما لو أمر المولى بقتل زيد وتردد سببه بين ضربة أو ضربتين، أو أمر بتنظيف البيت وتردد حصوله بين كنسها أو هو مع رش الماء، فالاشتغال اليقيني لابدله من البراءة اليقينية.
وأما ما وقع في تقريرات بعض أعاظم العصر - من أن المجعول الشرعي فيها ليس إلا المسبب (1) - فهو منظور فيه، فإن المسببات العقلية والعادية كأسبابها ليست تحت الجعل التشريعي، نعم قد يتعلق الأمر بتحصيلها كما أشرنا إليه. وكيف كان فلا إشكال في وجوب الاحتياط فيها، وعدم جريان البراءة شرعا أو عقلا.
وأما الشرعيات منها فقد يقال بجريان البراءة الشرعية فيها، وتوضيحه يحتاج إلى بيان كيفية جعل الأسباب والمسببات الشرعية، فنقول:
لا إشكال في أن السببية والمسببية في الشرعيات والأمور الاعتبارية العقلائية، ليست بمعنى كون الأسباب مؤثرات حقيقية في المسببات، بحيث قبل تحقق السبب لم يكن المسبب في عالم التكوين، وبعده وجد في عالم التكوين شئ هو المسبب، وهذا واضح.
وليست - أيضا - بمعنى تأثير الأسباب في إيجاد المسببات في عالم الاعتبار، لا اعتبار العقلاء ولا اعتبار الموجد للسبب، وذلك لأن اعتبار العقلاء أمر قائم بأنفسهم وله أسباب خاصة، وليس جعل المنشئ للسبب مؤثرا في