كذلك لا يعقل أن يكون له سبب عقلائي أو عقلي أو عادي، فلابد من كون سببه - أيضا - اختراعيا، فيجب تعلق الجعل بالسبب ومسببه، سواء تعلق ابتداء بالسبب أو بالمسبب أو أدى كلاما يتكفل الجعلين.
وبالجملة: في الأسباب والمسببات الجعلية لا يمكن أن يتعلق الجعل بالسبب فقط أو بالمسبب فقط، ويكون جعل أحدهما مغنيا عن جعل الآخر.
ومن ذلك يتضح فساد دعوى بعض أعاظم العصر رحمه الله - على ما في تقريرات بحثه -: من أنه لا يعقل أن يتعلق الجعل الشرعي بكل من السبب والمسبب، لأن جعل أحدهما يغنى عن جعل الآخر، فبناء على تعلق الجعل بالمسببات تكون الأسباب الشرعية كالأسباب العقلية والعادية غير قابلة للوضع والرفع... إلخ (1).
ضرورة أن المسبب الاختراعي لا يعقل أن يكون له سبب عقلي أو عادي، أو يكون سببه مثلهما في التناسب الذاتي بينه وبين مسببه، فإذا كان المسبب اختراعيا اعتباريا يكون سببه - أيضا - كذلك، وإلا فإما أن يكون المسبب بذاته متعلقا بسببه، فيكون التأثير والتاثر التكويني، فيخرج عما نحن فيه، لأن المفروض أن المسبب اختراعي جعلي، وإما أن يكون له أسباب عقلائية، فلابد وأن يكون المسبب أيضا كذلك، وهو - أيضا - خلاف المفروض.
فاتضح من ذلك: أنه لا يعقل أن يكون جعل المسبب مغنيا عن جعل سببه، ولا يخفى أن الجعل إنما يتعلق بوصف السببية، أي يجعل الشارع