لكنه مدفوع، لوقوع الخلط في المقدمة الثانية، فإن التحقيق في باب الكلي الطبيعي هو أنه موجود في الخارج بنفس ذاته، ولكن بنعت الكثرة لا التباين، فإن الطبيعي هو نفس المهية، وهي موجودة بتبع الوجود في الخارج، وحيث إنها لم تكن بذاتها واحدة ولا كثيرة ولا كلية ولا جزئية، تكون مع الواحد واحدة ومع المتكثر متكثرة، فيكون الطبيعي موجودا مع كل فرد بتمام ذاته، ويكون متكثرا بتكثر الأفراد.
فزيد إنسان، وعمرو إنسان آخر، وبكر إنسان ثالث، لا أنها متباينات من حيثية الإنسانية، فالحقيقة الإنسانية تتكثر بتكثر الأفراد، لا أنها متباينة كما زعم القائل في المقدمة الثانية، ولا أنها واحدة بالوحدة العددية كما زعم الرجل الهمداني، فالطبيعي في الخارج موجود بنفس ذاته مع كل فرد، والكثرة والوحدة في الخارج والعقل خارجتان عن ذاته.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن الرقبة المؤمنة في الخارج ينطبق عليها العنوانان:
أحدهما: طبيعي الرقبة، وثانيهما: طبيعي المؤمنة، فهي مصداق لمفهومين، كما أن الرقبة الكافرة مصداق لمفهومين: طبيعي الرقبة، وطبيعي الكافرة، فهما في مصداقيتهما للرقبة لا افتراق بينهما، فالرقبة المؤمنة مصداق الرقبة، وكذا الكافرة - أيضا - مصداقها، وليستا بمتباينتين مع كونهما رقبتين، وإنما افتراقهما من جهات أخرى، ككون إحداهما مصداق المؤمنة، والاخرى مصداق الكافرة، وإحداهما متشخصة بتشخص خاص غير الأخرى، وأما في مصداقيتهما لطبيعي الرقبة فلا افتراق بينهما، بمعنى أنهما مصداقان للرقبة.