ورائحة المسك والجلاب، أولا كالبياض والسواد والإنسان، ففي جميعها تجري البراءة عن الخصوصية الزائدة.
فإذا دار الأمر بين صبغ ثوب المولى بمطلق اللون أو الأسود، يكون مطلق اللون - أي اللابشرط المنطبق على الأسود وغيره على السواء - معلوما تفصيلا، وخصوصية الأسودية مشكوك فيها، فاللون الأحمر - مثلا - في الخارج مصداق طبيعي اللون، ولا افتراق في مصداقيته له بينه وبين سائر الألوان، فيكون متيقنا والخصوصية الزائدة مورد البراءة، وهكذا سائر الأمثلة والموارد من غير فرق بينها.
بل التحقيق: أن ملاك جريان البراءة موجود في جميع الموارد المتقدمة، فإن جميع الأمثلة في الوجود الخارجي موجودة بوجود واحد، وفي الانحلال العقلي تنحل إلى المعلوم والمشكوك فيه، فالصلاة المشروطة بالطهارة عين الصلاة في الخارج، كما أن الرقبة المؤمنة عين مطلقها فيه، والإنسان عين الحيوان.. وهكذا، وإنما الافتراق في التحليل العقلي، وهو - أيضا - في جميعها على السواء، فكما تنحل الصلاة المشروطة بالصلاة والاشتراط، كذا ينحل الإنسان بالحيوان والناطق، ففي جريان البراءة وعدم تمامية الحجة بالنسبة إلى الزائد لافرق بين جميع الموارد، وإنما الاختلاف في وضوح الأمر وخفائه، وهو صار منشأ للاشتباه والتفصيل.
وأما ما أفاده بعض أعاظم العصر رحمه الله - على ما في تقريراته - من أن الترديد بين الجنس والنوع وإن كان يرجع بالتحليل العقلي إلى الأقل