وأنا أقول أولا: في قوله: " ذهب أكثر علمائنا إلى أن العدل الواحد الإمامي كاف في تزكية الراوي " تساهل وغفلة، وذلك لأن الأخباريين من أصحابنا - هم أكثر علمائنا وعمدتهم - وقد علمت أنهم لا يعتمدون إلا على حديث قطعوا بوروده عن المعصوم (عليهم السلام) بسبب من أسبابه.
وأقول ثانيا: إن سيدنا الأجل المرتضى ورئيس الطائفة والفاضل المدقق محمد بن إدريس الحلي والمحقق الحلي (2) لا يعتمدون على خبر الواحد العدل الخالي عن القرينة الموجبة للقطع العادي بصدق مضمونه وعن القرينة الموجبة للقطع العادي بوروده عن المعصوم، وطريقتهم وطريقة الأخباريين من أصحابنا واحدة في هذا الباب.
وبالجملة، ما نسبه إلى أكثر علمائنا إنما ذهب إليه العلامة الحلي (3) وجمع من مقلديه وهم جماعة (4) قليلة كالشهيدين (5) والفاضل الشيخ علي (6) ولم تكن لهم بضاعة في العلوم الدقيقة ولم يكونوا عارفين متفطنين بمعاني الأحاديث الواردة في الأصولين من أصحاب العصمة - صلوات الله عليهم - وغلبت على أنفسهم الألفة بما قرأوه في كتب العامة، فلما رأوا كلام العلامة على وفق كلام العامة ولم يكن لهم نظر دقيق في العلوم استحسنوا المألوف وغفلوا عن احتمال أن يكون خطأ وأن يكون من تدليسات العامة وتلبيساتهم ومشوا عليه. نسأل الله العفو والعافية ومن ورائنا وورائهم شفاعة العترة الطاهرة (عليهم السلام) إن شاء الله تعالى *.
____________________
* قد قدمنا ما ينفي صدق هذه الدعاوي كلها، وأن الاختلاف في الحديث والمذاهب بسبب عدم تيسر القطع بصحتها كلها، وأن احتمال الضعف واقع من زمن الأئمة (عليهم السلام) إلى زماننا.
هذا، والقائل بالعمل بخبر الواحد غير منحصر في المتأخر عن زمن المرتضى وما نسبه
هذا، والقائل بالعمل بخبر الواحد غير منحصر في المتأخر عن زمن المرتضى وما نسبه