وبالجملة، النسبة بين الرواية وبين التزكية والشهادة عموم من وجه، فإن الاهتمام بشأن الرواية أكثر، لأن حكمها يعم الوقائع الكثيرة. والخبط في التزكية والشهادة أكثر، لاحتياجها إلى ضم خرص واستصحاب. ولا تغفل من أن قصدي من ذكر هذه المقدمات تقوية المنع بإبداء سند على وجه التجويز والاحتمال، لا على وجه البت والقطع والاستدلال.
وأقول خامسا: أن في كثير من المباحث اعتبر في شرط الشيء ما لا يعتبر في نفسه، مثلا: الاعتماد على رواية الراوي مشروط بعصمة المروي عنه، لا بعصمة الراوي.
وأقول سادسا: إذا ابتني شيء على أمر ضعيف ثم ابتنى الضعيف على ضعيف
____________________
تأتي في المزكي إذا كان عدلا. وكثرة الاحتياج إلى الرواية تقتضي التساهل في أحكامها للضرورة إلى العمل العام بها. بخلاف الشهادة فإن الاحتياج إليها نادر بالنسبة إلى الرواية، ولهذا اشترط في شاهدها ما لم يشترط في الراوي زيادة عن العدالة.
وأما قبول قول العدل فلم يفرق فيه بين أن يكون مدركه أمرا مخصوصا حسيا أو غير حسي، والمرجع إلى أنه عالم بما شهد به بأي وجه كان.
وما ذكره من الاحتياج إلى الخرص والاستصحاب - على المعنى الثاني من تفسير الملكة - لاوجه له، لأن الشاهد بالتزكية وغيرها لا يعول في شهادته إلا على العلم الحاصل له حين الشهادة لا على ما كان حاصلا له من قبل، لأن ما كان يجوز تغيره فلا معنى لاستصحاب علمه والشهادة به مع احتمال التغير، والمرجع في هذا الاحتمال وعدمه إلى ما تقتضي به العادة فيما يقبل ذلك.
وأما قوله: " إن الملكة ليست أمرا محسوسا فتكون التزكية إخبارا عن معقول صرف " غير مستقيم، لأن الشهادة بالعدالة التي ترجع إلى حصول الملكة إنما هي شهادة بلوازم تلك الملكة من الأمور المحسوسة، كما هو ظاهر في العلم بالصنائع لكل صانع إذا اطلع الإنسان على قوته وعمله في صنعته مرة بعد أخرى تتحقق له تلك الملكة، فالشهادة بها إنما هي بواسطة الأمر المحسوس. والمصنف يدعي اختصاصه عن العلماء بالفهم والحذق في العلوم كلها، ولا يدرك مثل هذه الأشياء الظاهرة الواضحة.
وأما قبول قول العدل فلم يفرق فيه بين أن يكون مدركه أمرا مخصوصا حسيا أو غير حسي، والمرجع إلى أنه عالم بما شهد به بأي وجه كان.
وما ذكره من الاحتياج إلى الخرص والاستصحاب - على المعنى الثاني من تفسير الملكة - لاوجه له، لأن الشاهد بالتزكية وغيرها لا يعول في شهادته إلا على العلم الحاصل له حين الشهادة لا على ما كان حاصلا له من قبل، لأن ما كان يجوز تغيره فلا معنى لاستصحاب علمه والشهادة به مع احتمال التغير، والمرجع في هذا الاحتمال وعدمه إلى ما تقتضي به العادة فيما يقبل ذلك.
وأما قوله: " إن الملكة ليست أمرا محسوسا فتكون التزكية إخبارا عن معقول صرف " غير مستقيم، لأن الشهادة بالعدالة التي ترجع إلى حصول الملكة إنما هي شهادة بلوازم تلك الملكة من الأمور المحسوسة، كما هو ظاهر في العلم بالصنائع لكل صانع إذا اطلع الإنسان على قوته وعمله في صنعته مرة بعد أخرى تتحقق له تلك الملكة، فالشهادة بها إنما هي بواسطة الأمر المحسوس. والمصنف يدعي اختصاصه عن العلماء بالفهم والحذق في العلوم كلها، ولا يدرك مثل هذه الأشياء الظاهرة الواضحة.