وإنما يعتمد على إخبار الأجير وإعلام المأموم، لأن المسلمين ومن في حكمهم مأمونون في الأعمال المتعلقة بهم، إذ لو اعتبر فيها القطع لزم الحرج البين، وإنما يعتمد على إخبار المسلم العارف بالقبلة الجاهل بالعلامات لأ نه من الصور التي يلزم الحرج البين لو اعتبر فيها القطع، ولا حاجة فيه إلى عدالة المخبر، بل يكفي الظن الحاصل من قول المسلم أو فعله كما في ذبيحته. ومستند ما ذكرناه من أحكام تلك الصور الأخبار المتواترة معنى الناطقة به.
ثم قال أدام الله أيامه: الثاني (1): إن اشتراطهم لعدالة الراوي يقتضي توقف قبول روايته على حصول العلم بها وإخبار العدل الواحد لا يفيد العلم بها.
وجوابه: إنك إن أردت العلم القطعي فمعلوم أن البحث ليس فيه، وإن أردت العلم الشرعي فحكمك بحصوله من رواية العدل الواحد وعدم حصوله من تزكيته تحكم، وكيف يدعى أن الظن الحاصل من إخباره بأن هذا قول المعصوم أو فعله أقوى من الظن الحاصل من إخباره بأن الراوي الفلاني إمامي المذهب أو واقفي أو عدل أو فاسق ونحو ذلك؟ ولعلك تقول بتساوي الظنين في القوة والضعف، ولكنك تزعم أن الظن الأول اعتبره الشارع فعولت عليه، وأما الآخر فلم يظهر لك أن الشارع اعتبره، فيقال لك: كيف ظهر عليك اعتبار الشارع الظن الأول إن استندت في ذلك إلى ظن إجماع؟ فالخلاف الشائع في العمل بأخبار الآحاد يكذب ظنك.
كيف! وجمهور قدمائنا على المنع منه، بل ذهب بعضهم إلى استحالة التعبد به كما نقله عنهم المرتضى (رحمه الله) (2) وإن استندت فيه إلى ما يستدل به في الأصول على حجية خبر الواحد فأقرب تلك الدلائل إلى السلامة آية التثبت، وقد علمت أنها كما تدل على اعتبار الشارع الظن الأول تدل على اعتباره الظن الثاني من غير فرق.
ولقد بالغ بعض الأفاضل المعاصرين في الإصرار على اشتراط العدلين في المزكي، نظرا إلى أن التزكية شهادة، ولم يوافق القوم على تعديل من انفرد الكشي أو