والباطل لأن ضد (١) كل صاحب جزم يجزم بأن جزمه مطابق للواقع، بخلاف صاحب الظن فإنه يحتمل عنده خلاف مظنونه لا سيما إذا عارضه يقين] (٢).
وفي كتاب التوحيد لشيخنا الصدوق محمد بن علي بن بابويه (قدس سره) - في باب السعادة والشقاوة - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعا، قالا: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل:
﴿واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه﴾ (٣) قال: يحول بينه وبين أن يعلم أن الباطل حق، وقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى ينقل العبد من الشقاء إلى السعادة ولا ينقله من السعادة إلى الشقاء (٤).
[أقول: قوله: " ولا ينقله من السعادة إلى الشقاء " رد على الأشاعرة، حيث زعموا أن معنى قوله: ﴿يضل من يشاء ويهدي من يشاء﴾ (٥) خلق الاعتقاد الكفري ابتداء فيمن يشاء من عباده، وإشارة إلى أن معنى " يضل الله " أحد الأمور الثلاثة: إما عدم الهداية كما في أهل الفترة. وإما إخراج الملك من قلبه ليضله الشيطان، وذلك فيمن استحب العمى على الهدى بعد أن خلق الله في قلبه المعرفة وعرف ما هو الحق. وإما إرسال الرسل وإنزال الكتب، فإنه لولا الشرائع لما تميز الضال عن ضده كما قال الله تعالى: ﴿يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين﴾ (6)] (7).
لا يقال: نشاهد في كثير من الناس آثار جزمهم بما هو خلاف الواقع.
لأ نا نقول: كثيرا ما يظن كثير من الناس الظن المتاخم للجزم جزما فيزعمون أ نهم جزموا وليس كذلك، كما نقلناه عن منطق شرح العضدي للمختصر الحاجبي وعن مبحث الإجماع [المركب] (8) من ذلك الشرح.
ثم أقول: لي دليل عقلي أيضا على ذلك، وهو أنه قد تقرر في موضعه -