ومن المعلوم: أن المراد نهي يكون اتباعه واجبا، والمفروض فيما نحن بصدده عدم بلوغ ذلك النهي.
لأ نا نقول: النهي قسمان: نهي خاص ونهي عام، والنهي العام قد بلغنا، إذ علمنا من الحديث المتواتر بين الفريقين المشتمل على حصر الأمور في ثلاثة ومن نظائره وجوب التوقف علينا في كل واقعة لم يكن حكمها بينا عندنا، معللا بأن الشريعة قد كملت ولم تبق واقعة خالية من حكم وارد من الله تعالى، ومعللا بالحذر عن ارتكاب المحرمات والوقوع في الهلكات من غير علم *.
وبهذا الجواب يندفع ما يتجه أن يقال: ذكر شيخنا الصدوق في كتاب التوحيد في باب الاستطاعة: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه) قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رفع عن أمتي تسعة: الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وما لا يطيقون وما لا يعلمون وما اضطروا إليه والحسد والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة (3).
وذكر في باب التعريف والحجة والبيان: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى
____________________
* مقتضى كلام المصنف أن الصادق (عليه السلام) غفل عن هذا المعنى الذي تفطن إليه المصنف! حتى أطلق (عليه السلام) القول بأن " كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي " بل كان ينبغي له (عليه السلام) أن يأمر بالتفحص والتوقف، لكون ذلك الحكم لا يجوز أن يكون مغفولا عنه من الشارع وأن الوصول إليه ممكن وكلامه (عليه السلام) في هذا المكان وغيره من إطلاقاته (عليه السلام) مفاده: أن كل حكم لم يصل إلينا به تكليف فتكليفه مرفوع عنا، وهذا هو عين دليله من الله سبحانه وتعالى. وأي دليل أوضح من هذا وأظهر؟ لأن مقتضاه عدم انتظارنا في ذلك الحكم شيئا آخر يوجب التوقف فيه، وذلك لا يوجب نقصان الشريعة بل هو من أكمل متمماتها، لأن مفاده قاعدة كلية نفعها عام.