ولنذكر مثالا، فنقول: عند من يعمل بالدلالات الظنية والاجتهادات الخرصية يجوز في الحديث الوارد في من احتلم في أحد المسجدين الإفتاء بإطلاق لفظه تارة وبتقييده أخرى بحسب القرائن الحالية بغالب الأحوال، وذلك بحسب اختلاف آراء المجتهدين، فكل يعتمد على مقتضى ظنه من ترجيح أحد الاحتمالين على الآخر.
وعند الأخباريين المتمسكين بالتوقف أو اليقين يجوز الإفتاء بالقدر الذي دلالة لفظه عليه قطعية، ويجب التوقف عن الفتوى والعمل في القدر الزائد عليه. فعلى قول من رجح من أهل الاجتهاد جانب إطلاق اللفظ يجب التيمم ولو كان زمان الغسل أقل أو مساويا لزمان التيمم ولم يحتج غسله إلى إزالة النجاسة في المسجد، بأن يكون نائما في المسجد الحرام مثلا فيحتلم فيدخل السيل فيه فيقوم من النوم وهو واقع جوف السيل. وعلى قول من رجح جانب القرينة يجب الغسل في الصورة المفروضة ويحرم التيمم. وعلى قول من تساوى الاحتمالان في نظره يجب التوقف عند بعض والحكم التخيير عند بعض.
وعلى طريقة الأخباريين يجب التوقف عن تعيين أحد الاحتمالين لو لم تكن دلالة من خارج تعين أحدهما * *. ومصداق التوقف في بعض المواضع ترك الأفعال
____________________
* كلام المعالم ليس فيه مناسبة لما يريده من عدم جواز التعويل على الظن ولا على عدم جواز العمل بخبر الواحد المفيد للظن، لأن مذهبه العمل به، وإنما أراد به رد دليل المستدل عليه بمشابهته للظن الحاصل من شهادة الشاهدين وقد ثبت العمل به بأن هذا الدليل ليس في محله، لأن السيد المرتضى (رحمه الله) جعل التعويل على شهادة الشاهدين من قبيل الأسباب كما مثل به لا من حصول الظن، فإنه يجب التعويل عليها وإن لم يحصل الظن منها.
* * إن الحكم المعتمد في هذه المسألة هو أن الأمر ورد بالتيمم مطلقا، ولكن نعلم من خارج أن العلة فيه تحريم اللبث في المسجد بأي حالة كانت من غير طهارة من الجنابة مع الاختيار، فللضرورة أبيح زمان التيمم والأمر به مطلقا وارد على ما هو الظاهر الغالب في العادة
* * إن الحكم المعتمد في هذه المسألة هو أن الأمر ورد بالتيمم مطلقا، ولكن نعلم من خارج أن العلة فيه تحريم اللبث في المسجد بأي حالة كانت من غير طهارة من الجنابة مع الاختيار، فللضرورة أبيح زمان التيمم والأمر به مطلقا وارد على ما هو الظاهر الغالب في العادة