وقد سنح لي شيئان يؤيدان معنى (1) هذا الحديث الشريف:
أحدهما: نقلي وهو قول الصادق (عليه السلام): إن من قولنا: إن الله يحتج على العباد بما اتاهم وعرفهم، ثم أرسل إليهم رسولا وأنزل عليهم الكتاب فأمر فيه ونهى (2).
وجه التأييد أن هذا الحديث الشريف يدل على أنه لم يتعلق بأحد تكليف إلا بعد بلوغ الخطاب إليه. وأما قوله (عليه السلام): " بما أتاهم وعرفهم " فيحتمل أن يكون إشارة إلى ما تواترت به الأخبار عنهم (عليهم السلام): من أنه أخذ الإقرار بالربوبية من الأرواح في
____________________
* الحديث الذي أشار إليه حديث القنوت. والاعتراض الذي عليه وأشار إليه المصنف تقريره: إن الحديث أفاد إباحة كل شيء لم يبلغ المكلفين فيه نهي، وذلك تقتضي إباحة القبيح الذي لم يرد فيه نهي بخصوصه. وهذا معنى بطلان الحسن والقبح الذاتي.
وجواب المصنف عن ذلك غير متجه، لأن المقرر أن العقل لم يجوز ورود الشرع بما يقطع العقل ويقضي بقبحه، ولهذا الدليل النقلي لا يعارض العقلي. وورود الشرع بما يوافق العقل في الأحكام التي يقضي العقل بحسنها ويقطع ويجزم بذلك يكون الشرع معاضدا لها أو كاشفا عن حكم العقل. وكذلك الكلام فيما يقضي العقل بقبحها. والذي ليس للعقل فيه دلالة على حسنه أو قبحه يرجع حسنه وقبحه إلى أمر الشارع ونهيه، والعقل لا يعارض ذلك، لجواز حكمة خفية لا يطلع عليها العقل توجب الحسن أو القبح.
إذا تقرر ذلك علم أن القبيح لا شك أن العقل مانع منه ومبطل لدليل جوازه لو فرض وروده من جهة الشرع، فكيف يلزم الحكم بإباحته إذا لم يرد فيه بالخصوص نهي من الشرع؟ فظهر أن المفهوم من الحديث إباحة ما لم يقض العقل بقبحه بطريق القطع، وذلك لا يبطل الحسن والقبح الذاتيين.
وقول المصنف: إن كثيرا من القبائح العقلية ليس بحرام في الشريعة غير مسلم ولا جائز اعتقاده. نعم ما لم يجزم العقل بقبحه ويحتمل له وجه محسن لا معارضة للعقل فيه، ويقضي بحسنه عند ورود الشرع به، إذ لا مانع له من ذلك.
وجواب المصنف عن ذلك غير متجه، لأن المقرر أن العقل لم يجوز ورود الشرع بما يقطع العقل ويقضي بقبحه، ولهذا الدليل النقلي لا يعارض العقلي. وورود الشرع بما يوافق العقل في الأحكام التي يقضي العقل بحسنها ويقطع ويجزم بذلك يكون الشرع معاضدا لها أو كاشفا عن حكم العقل. وكذلك الكلام فيما يقضي العقل بقبحها. والذي ليس للعقل فيه دلالة على حسنه أو قبحه يرجع حسنه وقبحه إلى أمر الشارع ونهيه، والعقل لا يعارض ذلك، لجواز حكمة خفية لا يطلع عليها العقل توجب الحسن أو القبح.
إذا تقرر ذلك علم أن القبيح لا شك أن العقل مانع منه ومبطل لدليل جوازه لو فرض وروده من جهة الشرع، فكيف يلزم الحكم بإباحته إذا لم يرد فيه بالخصوص نهي من الشرع؟ فظهر أن المفهوم من الحديث إباحة ما لم يقض العقل بقبحه بطريق القطع، وذلك لا يبطل الحسن والقبح الذاتيين.
وقول المصنف: إن كثيرا من القبائح العقلية ليس بحرام في الشريعة غير مسلم ولا جائز اعتقاده. نعم ما لم يجزم العقل بقبحه ويحتمل له وجه محسن لا معارضة للعقل فيه، ويقضي بحسنه عند ورود الشرع به، إذ لا مانع له من ذلك.