ومن الحديث الذي ذكره الشيخ السعيد قطب الدين الراوندي (قدس سره) في الرسالة التي صنفها لإثبات صحة أحاديث أصحابنا، حيث قال: قال الصادق (عليه السلام): لا تكذبوا بحديث أتى به مرجئي ولا قدري ولا خارجي فنسبه إلينا، فإنكم لا تدرون لعله شيء من الحق فتكذبوا الله (2).
وأقول: قد جرت بيني وبين جمع من المنسوبين إلى العلم هذه الحكاية بعينها، فرأيتهم كلما رويت عندهم حديثا من أحاديث أئمتنا ولم يجدوه موافقا لما في كتب من يقول بالاجتهادات الظنية من متأخري أصحابنا غضبوا وقدحوا فيه وفيمن يرويه ومن يعمل به. وأسأل الله العفو والعافية *.
لا يقال: مقتضى ما ذكره محمد بن علي بن بابويه في مبحث القنوت من كتاب من لا يحضره الفقيه واستدل به على جواز القنوت بغير العربي، حيث ذكر قال
____________________
* العذر لهم في الغضب عند ذلك واضح، بل ربما واجب، لأن الأمر المخالف لما اتفقت عليه الأمة بل الأمم خارج عن طور العقل، فكيف يعول عليه؟ وأيضا فإنا قد بينا أن الحديث نظير القرآن فكما وقع في القرآن ما لا يمكن حمله على ظاهره ولابد فيه من التأويل بالاتفاق كذلك الحديث. والمصنف يحمل الحديث على ظاهره حيث كان ولا يتوقف في إيراد الحديث على ما يتوهم موافقته لمطلوبه على صحته أو ضعفه، بل أكثر ما يورده من الضعيف، فإذا أورد حديثا وكان ما ينافيه في كتب المجتهدين أرجح في العمل والدلالة كيف لا يغضب السامع له عند اعتقاد ترجيح المرجوح على الراجح ويقدح فيه وفي المرجح له والعامل به؟ وظاهر كلام المصنف أن ذلك لمجرد الهوى والعصبية، ونعوذ بالله! أن ينسب أحد أهل العلم والفضل والصلاح إلى هذه النسبة المخرجة عن العدالة، بل ربما عن الدين. وجرأة المصنف على الإقدام في حق العلماء بمثل هذه القبائح مع ادعاء التقوى والخوف من الله غريب وعجيب!