وقال في كتاب الأصول: إعلم أن الأصل خلو الذمة عن الشواغل الشرعية، فإذا ادعى مدع حكما شرعيا جاز لخصمه أن يتمسك في انتفائه بالبراءة الأصلية، فيقول: لو كان ذلك الحكم ثابتا لكان عليه دلالة شرعية، لكن ليس كذلك فيجب نفيه، ولا يتم هذا الدليل إلا ببيان مقدمتين:
إحداهما: أنه لا دلالة عليه شرعا بأن يضبط طرق الاستدلالات الشرعية ويبين عدم دلالتها عليه.
والثانية: أن يبين أنه لو كان هذا الحكم ثابتا لدلت عليه احدى تلك الدلائل، لأ نه لو لم تكن عليه دلالة لزم التكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم به وهو تكليف بما لا يطاق، ولو كان عليه دلالة غير تلك الأدلة لما كانت أدلة الشرع منحصرة فيها، لكن بينا انحصار الأحكام في تلك الطرق، وعند هذا يتم كون ذلك دليلا على نفي الحكم، والله أعلم (2). انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
وأنا أقول: لقد أحسن وأجاد المحقق الحلي فيما نقلناه عنه، وما رأيت فقيها يكون حكيما بعد السيد المرتضى ورئيس الطائفة - قدس الله سرهما - إلا إياه،
____________________
هذا كله في حق الذي لا سبيل له على الاستدلال بالعمل بالحديث. وأما الذي له قدره ذلك وأجهد نفسه في أن يحصل له العلم الذي يدعيه المصنف في الأحاديث فلم يحصل أو فتش كل الأحاديث فما وجد فيها دليلا على مسألة كيف يفعل؟
اللهم إلا أن يمنع المصنف إمكان عدم حصول العلم والوجدان في الجهتين. وإذا وصل الأمر إلى مثل هذا الخلل والفساد وتعطيل الأحكام وحيرة المكلفين في معرفة أحكام ما كلفوا به، يكفي ذلك في وضوح الخطأ وسوء ما ارتكبه وأدخل الوهم به على ضعفاء التحصيل والعقول.
اللهم إلا أن يمنع المصنف إمكان عدم حصول العلم والوجدان في الجهتين. وإذا وصل الأمر إلى مثل هذا الخلل والفساد وتعطيل الأحكام وحيرة المكلفين في معرفة أحكام ما كلفوا به، يكفي ذلك في وضوح الخطأ وسوء ما ارتكبه وأدخل الوهم به على ضعفاء التحصيل والعقول.